أصدرت مصر في ٢٣ ابريل ٢٠٢٣م الميثاق المصري للذكاء الاصطناعي كمحاولة أولية لتنظيم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتتناول هذه الوثيقة تفسير المبادئ التوجيهية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي الاخلاقي والمسئول.
ومن الملاحظ ان الاتجاه العالمي بات محاولة تقنين استخدامات الذكاء الاصطناعي ووضع التشريعات المنظمة له، ولعل العديد من المبادرات والافكار الدولية التي تبنتها المنظمات الدولية في هذا الاطار قد انبثق منها جملة من المبادئ الدولية المشتركة والمتشابهة الي حد ما في محاولة لتقنين استخدامات الذكاء الاصطناعي ومن ذلك:
- أصدرت الأمم المتحدة مبادئ توجيهية للذكاء الاصطناعي تهدف إلى تعزيز التطور المسؤول للذكاء الاصطناعي وضمان استخدامه بشكل يحترم حقوق الإنسان والأخلاقيات ، وتهدف هذه المبادئ إلى تحقيق توازن بين التطور التكنولوجي والحفاظ على القيم الإنسانية.
- اعتمدت جميع الدول الأعضاء في اليونسكو ومن بينها مصر نصًا تاريخيًا يحدد القيم والمبادئ المشتركة اللازمة لضمان تطوير الذكاء الاصطناعي بصورة سليمة بهدف تحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي وحقوق الإنسان والأخلاقيات ولقد تبنت مصر ما نتج عن هذا النص وادى ذلك لإصدار الميثاق المصري .
- الاتحاد الأوروبي : وضع الاتحاد الأوروبي تشريعًا سباقاً لتنظيم الذكاء الاصطناعي، وهو التشريع الوحيد الى الان عالمياً ، والذي يهدف إلى ضمان استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن ومسؤول حيث يتضمن مبادئ حول الشفافية والمساءلة وحقوق الإنسان.
- كما تعمل على بعض الدول على وضع تشريعات واطر للذكاء الاصطناعي وتنظيم استخدامه مثل الصين وكندا واليابان والإمارات العربية المتحدة، وتتنوع هذه التشريعات من حيث الهدف والتركيز، وتشمل قضايا مثل الأمان والخصوصية والمساءلة.
وبالعودة للميثاق المصري للذكاء الاصطناعي نجد ان هذه الوثيقة تهدف الى تحقيق غرضين :
- ان تكون انطلاقة تجريبية تمكن الجميع المواطنين او أصحاب المصلحة من معرفة الاعتبارات الأخلاقية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي ودمجها في خططهم
- الاشارة لاستعداد مصر لاتباع ممارسات الذكاء الاصطناعي المسؤول وهو امر يخدم المستثمرين وجهات تصنيف الذكاء الاصطناعي لقياس قدرة مصر على الاستثمار فيه ، ومن ناحية أخرى لتوصيل احتياجات مصر واولوياتها لمطوري الذكاء الاصطناعي الأجانب المتطلعين الى تطوير منتجاتهم وتسويقها بمصر
وتنقسم هذه الوثيقة الى مبادئ توجيهية عامة وهى قواعد تنطبق على جميع اعضاء النظام البيئي ، ومبادئ توجيهية تنفيذية تتعلق بالاطر التي تنظم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي .
وفيما يلى استعراض لابرز المبادئ الواردة بها :
اولاً : المبادئ التوجيهية العامة :
1. البشرية كمقصد: حيث يجب أن يكون الهدف الأساسي من استخدام الذكاء الاصطناعي هو تحقيق رفاهية المواطن، وأن لا يتم تصميم الأنظمة الذكية لتحل محل العمالة البشرية إلا في الحالات التي تشكل تهديدًا أو خطرًا على رفاهية المواطن.
2. الشفافية وقابلية التفسير: يجب أن يكون النظام الذكي قابلًا للفهم والتفسير، وأن يتم توضيح كيفية اتخاذ القرارات والمعايير المستخدمة.
3. العدالة: يجب أن يتم استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة تضمن المساواة والعدالة بين جميع فئات المجتمع.
4. المسائلة: يجب أن يكون هناك آليات للمساءلة والرقابة على استخدام التقنيات الذكية، وأن يتم تقديم تقارير دورية حول مشروعات الذكاء الاصطناعي.
5. الأمان والأمان: يجب أن يتم تأمين الأنظمة الذكية وحمايتها من التهديدات الأمنية.
هذه المبادئ تهدف إلى تحقيق توازن بين التقدم التكنولوجي والمسؤولية الاجتماعية، وتعزز من استخدام الذكاء الاصطناعي في خدمة المجتمع المصري .
ثانياً : المبادئ التوجيهية التنفيذية :
وهذه المبادئ تتعلق بالأطر التنظيمية للاستخدام الأخلاقي والمسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وفيما يلي بعض استعراض للنقاط الرئيسية منها :
1. التوجيه الأخلاقي والمسؤولية: يشجع الميثاق على تطوير ونشر أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل يحترم القيم الأخلاقية ويضمن المسؤولية القانونية.
2. الشفافية والشمولية: يُشجع على توفير شفافية حول استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وضمان مشاركة جميع أصحاب المصلحة في صنع القرارات.
3. التنوع والمساواة: يُؤكد على أهمية تجنب التحيزات وضمان تكافؤ الفرص والمساواة في الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي.
4. التدريب والتوعية: يشجع على تطوير برامج تدريبية وتوعوية للمجتمع حول الذكاء الاصطناعي واستخدامه بشكل صحيح.
5. التقييم والمراقبة: يُشجع على تقييم ومراقبة تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحديث المبادئ التوجيهية بناءً على التطورات.
تلك هي ابرز المبادئ التي تضمنها الميثاق ، ومن الجدير بالذكر انه لاتزال القوانين المصرية خالية من ثمة نصوص تتناول تنظيم تقنيات الذكاء الاصطناعي ، وفيما عدا قانوني تنظيم الاتصالات ١٠ لسنة ٢٠٠٣ م وكذلك حماية البيانات الشخصية ١٥١ لسنة ٢٠٢٠ م والتي تتناول بصورة غير مباشرة ومحدودة بعضاً من تقنياته ، لا توجد تشريعات منظمة لهذا المتغير الجديد في البيئة العالمية .
ختاماً :
انتهى الميثاق المصري للذكاء الاصطناعي الى ضرورة مراجعته بصورة سنوية لضمان ملائمته واستمراريته ومواكبته للتطور في استخدام التقنيات الجديدة في الذكاء الاصطناعي بما ينتج عن ذلك من استحداث مبادئ او قواعد جديدة في استخدامه .