تعريف دعوى المخاصمة وأسبابها:
دعوى المخاصمة هي دعوى قانونية تهدف إلى طلب تعويض عن الأضرار الناتجة عن تصرفات القاضي أو الأحكام التي أصدرها، بشرط أن تكون هذه التصرفات أو الأحكام مشوبة بعيب كبير يسمح بإقامة هذه الدعوى. ينطلق الأصل العام من أن القاضي غير مسؤول عن تصرفاته في نطاق عمله القضائي لأنه يمارس حقاً منحه له القانون ويترك له سلطة التقدير، إلا أن المشرع المصري أجاز في حالات استثنائية مساءلة القاضي عن الضرر الناشئ عن تصرفاته القضائية.
نصت المادة ٤٩٤ من قانون المرافعات على حالات محددة يمكن فيها مخاصمة القاضي، ونظمت إجراءات خاصة لهذه الدعوى بما يضمن الحفاظ على استقلال القاضي وأداء عمله دون قلق.
طبيعة دعوى المخاصمة:
دعوى مخاصمة القاضي ليست دعوى شخصية، بل هي دعوى تعويض تنشأ عن ممارسة القاضي عمله القضائي. وتختلف هذه الدعوى عن غيرها من دعاوى المسؤولية التي تنطبق على الأفراد أو الموظفين الحكوميين.
حالات وأسباب دعوى المخاصمة:
وفقًا للمادة ٤٩٤ من قانون المرافعات، وردت حالات المخاصمة على سبيل الحصر وهي:
١. الغش والتدليس والغدر أو الخطأ المهني الجسيم:
- الغش والتدليس: يشمل الانحراف عن العدالة بسوء نية لاعتبارات تتعارض مع النزاهة والحياد المطلوبين من القاضي.
- الغدر: هو كل تصرف يقوم به القاضي بهدف تحقيق مصلحة شخصية على حساب أحد الأطراف أو لإلحاق ضرر بأحدهم.
- الخطأ المهني الجسيم: وهو الخطأ الذي يحدث نتيجة إهمال القاضي لواجبات وظيفته وعدم الإلمام الكافي بما يجب عليه معرفته. في هذه الحالة، لا يُفترض سوء النية.
٢. امتناع القاضي عن الإجابة على عريضة مقدمة له أو الفصل في قضية صالحة للحكم بعد إعذاره مرتين على يد محضر.
٣. الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون بمسؤولية القاضي والحكم عليه بالتعويض.
إجراءات دعوى المخاصمة:
ميعاد رفع الدعوى:
لا يوجد ميعاد محدد لرفع دعوى المخاصمة في القانون، وبالتالي يتم الاعتماد على القواعد العامة في تقادم دعوى المسؤولية المدنية. تسقط الدعوى بمرور ثلاثة أعوام من تاريخ علم المضرور بالضرر والمسؤول عنه أو بمرور خمسة عشر عاماً من تاريخ وقوع الفعل الضار.
المحكمة المختصة:
تمر دعوى المخاصمة بمرحلتين رئيسيتين، ولكل مرحلة محكمة مختصة:
١. مرحلة النظر في مدى جواز قبول الدعوى:
- إذا كان القاضي المخاصم من قضاة المحكمة الجزئية أو الابتدائية أو محكمة الاستئناف: ينظر في الدعوى دائرة من دوائر محكمة الاستئناف (دائرة عادية من ثلاثة مستشارين).
- إذا كان القاضي المخاصم من قضاة محكمة النقض: ينظر في الدعوى إحدى دوائر النقض.
إذا صدر الحكم بجواز قبول الدعوى، تنتقل الدعوى إلى المرحلة التالية. وإذا صدر الحكم بعدم جوازها، يُحكم على المدعي بغرامة لا تقل عن أربعمائة جنيه ولا تزيد عن أربعة آلاف جنيه، بالإضافة إلى مصادرة الكفالة والتعويض إن وجد.
٢. مرحلة نظر موضوع الدعوى:
- إذا كان القاضي المخاصم قاضي ابتدائي أو جزئي: تنظر في الدعوى دائرة عادية من دوائر الاستئناف غير الدائرة التي نظرت المرحلة الأولى.
- إذا كان القاضي المخاصم قاضي استئناف: تنظر في الدعوى دائرة خاصة من سبعة مستشارين من محكمة الاستئناف بحسب أقدميتهم.
- إذا كان القاضي المخاصم قاضي نقض: تنظر في الدعوى دوائر محكمة النقض مجتمعة.
كيفية رفع الدعوى:
ترفع دعوى المخاصمة بتقرير يودع في قلم كتاب محكمة الاستئناف التابعة للقاضي المخاصم. يجب أن يشمل التقرير توقيع الطالب أو من يوكله بتوكيل خاص، وأن يتضمن بيان أوجه المخاصمة والأدلة المؤيدة لها، بالإضافة إلى إيداع كفالة قدرها خمسمائة جنيه.
آثار الحكم بقبول الدعوى:
إذا صدر الحكم بقبول الدعوى، يُحكم على القاضي أو عضو النيابة المخاصم ببطلان تصرفه وبالتعويض والمصاريف. لا يجوز الطعن على الحكم الصادر في المخاصمة إلا بطريق النقض.